الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال ابن عادل: وفيه أجوبة:أحدها: أن أقلَّ الجمع اثنان- كما ذهب إليه بعضهم.قال الزمخشري: ويجوز أن يُراد: فيه آيات مقام إبراهيم، وأمن من دخله؛ لأن الاثنين نَوْعٌ من الجَمْع، كالثلاثة والأربعة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ».قال الزجَّاج: ولفظ الجمع قد يُستعمل في الاثنين، قال تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4].وقال بعضهم: تمام الثلاثة قوله: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} وتقدير الكلام: مقام إبراهيم، وأن من دخله كان آمنًا، وأن لله على الناس حَجَّ البيت، ثم حذف أن اختصارًا، كما في قوله: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بالقسط} [الأعراف: 29] أي: أمر ربي أن اقسطوا.الثاني: أن {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} وإن كان مفردًا لفظًا إلا أنه يشتمل على آياتٍ كثيرةٍ، بمعنيين:أحدهما: أن أثر القدمين في الصخرة الصَّمَّاء آية، وغَوصَهما فيها إلى الكعبين آية أخْرَى؛ وبعض الصخرة دون بعض آيةٌ، وإبقاؤه على مر الزمان، وحفظه من الأعداء الكثيرة آية، واستمراره دون آيات سائر الأنبياء خلا نبينا صلى الله عليه وعلى سائرهم آية، قال معناه الزمخشري.وثانيهما: أن {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} بمنزلة آيات كثيرة؛ لأن كل ما كان معجزةً لنبيٍ فهو دليل على وجود الصانع وعلمه وقدرته وإرادته وحياته، وكونه غنيًّا مُنَزَّهًا، مقدَّسًا عن مشابهة المحدثات، فمقام إبراهيم وإن كان شيئًا واحدًا إلا أنه لما حصل فيه هذه الوجوه الكثيرة كان بمنزلة الآيات، كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل: 120]، قاله ابنُ الخطيب.الثالث: أن يكون هذا من باب الطَّيّ، وهو أن يُذْكَرَ جَمْعٌ، ثم يُؤتَى ببعضه، ويُسْكَت عن ذِكْر باقيه لغرض للمتكلم، ويُسَمَّى طَيًّا.وأنشد الزمخشري عليه قول جرير: [البسيط]وأورد منه قوله صلى الله عليه وسلم: «حُبِّبَ إليّ مِنْ دُنْيَاكُم ثَلاثٌ: الطيبُ والنِّسَاءُ، وجُعِلَت قُرَّةُ عَينِي فِي الصلاة» ذكر اثنين- وهما الطيب والنساء- وطَوَى ذِكْر الثالثة.لا يقال إن الثالثة قوله صلى الله عليه وسلم: «جعلت قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ» لأنها ليست من دنياهم، إنما هي من الأمور الأخروية.وفائدة الطَّيّ- عندهم- تكثير ذلك الشيء، كأنه تعالى لما ذكر من جملة الآيات هاتين الآيتين قال: وكثير سواهما.وقال ابنُ عطية: والأرجح- عندي- أن المقام، وأمن الداخل، جُعِلاَ مثالًا مما في حرم الله- تعالى- من الآيات، وخُصَّا بالذِّكْر؛ لِعِظَمِهِمَا، وأنهما تقوم بهما الحُجَّةُ على الكفَّار؛ إذْ هم مدركون لهاتين الآيتين بِحَوَاسِّهم.الوجه الثاني: أن يكون {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} عطف بيان، قاله الزمخشري.ورَدَّ عليه أبو حيان هذا من جهة تخالفهما تعريفًا وتنكيرًا، فقال: وقوله مخالف لإجماع البصريين والكوفيين، فلا يلتفت إليه، وحُكْم عطف البيان عند الكوفيين حكم النعت، فيُتْبعون النكرة نكرة، والمعرفة معرفة، ويتبعهم في ذلك أبو علي الفارسي. وأما البصريون، فلا يجوز- عندهم- إلا أن يكونا معرفتين، ولا يجوز أن يكونا نكرتين، وكل شيء أورده الكوفيون مما يُوهِم جوازَ كونه عطفَ بيان جعله البصريون بَدَلًا، ولم يَقُمْ دليل للكوفيين؛ وستأتي هذه المسألة إن شاء الله- عند قوله: {مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16] وقوله: {مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} [النور: 35]، ولما أوّل الزمخشريُّ مقام إبراهيم وأمن داخله- بالتأويل المذكور- اعترض على نفسه بما ذكرناه من إبدال غير الجمع من الجمع- وأجاب بما تقدم، واعترض- أيضا- على نفسه بأنه كيف تكون الجملة عطف بيان للأسماء المفردةِ؟ فقال: فإن قلتَ: كيف أجَزْت أن يكون مقام إبراهيم والأمن عطف بيان للآيات. وقوله: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} جملة مستأنفة، إما ابتدائية وإما شرطية؟قلت: أجَزْت ذلك من حيث المعنى؛ لأن قوله: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} دل على أمْن مَنْ دخله، وكأنه قيل: فيه آيات بيِّنات مقام إبراهيم وأمن من دخله، ألا ترى أنك لو قلت: فيه آية بينة، مَنْ دخله كان آمنًا صَحَّ؛ لأن المعنى: فيه آية بينة أمن مَنْ دخله.قال أبو حيان: وليس بواضح؛ لأن تقديره- وأمنَ الداخل- هو مرفوع، عطفًا على {مَقَام إبراهيم} وفسر بهما الآيات، والجملة من قوله: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} لا موضع لها من الإعراب، فتدافعا، إلا إن اعتقد أن ذلك معطوف على محذوف، يدل عليه ما بعده، فيمكن التوجيه، فلا يجعل قوله: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} في معنى: وأمن داخله، إلا من حيث تفسير المعنى، لا تفسير الإعراب.قال شهاب الدين: وهي مُشَاحَّةٌ لا طائلَ تحتَها، ولا تدافع فيما ذكر؛ لأن الجملة متى كانت في تأويل المفرد صح عطفُها عليه.الوجه الثالث: قال المبرد: {مَقَامُ} مصدر، فلم يُجْمَع، كما قال: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ} [البقرة: 7] والمراد: مقامات إبراهيم، وهي ما أقامه إبراهيم من أمور الحج، وأعمال المناسك، ولا شك أنها كثيرة، وعلى هذا، فالمراد بالآيات: شعائر الحج، كما قال تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله} [الحج: 32].الوجه الرابع: أن قوله: {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} خبر مبتدأ مضمر، تقديره: أحدها، أي: أحد تلك الآيات البينات مقام إبراهيم، أو مبتدأ محذوف الخبر، تقديره: منها، أي: من الآيات البيِّنات {مقام إبراهيم}.وقال بعضهم: {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} لا تعلُّقَ له بقوله: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ}، فكأنه- تعالى- قال: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} ومع ذلك فهو {مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ومَقَرُّه، والموضع الذي اختاره، وعَبَدَ الله فيه؛ لأن كل ذلك من الخِلال التي بها تَشَرَّف وتَعَظَّم.وقرأ أبَيّ وعُمَر وابنُ عباس ومُجَاهِدٌ وأبو جعفر المديني- في رواية قتيبة- آية بيِّنة- بالتوحيد، وتخريج {مَقَامُ}- على الأوجه المتقدِّمة- سَهْل، من كونه بدلًا، أو بيانًا- عند الزمخشري- أو خبر مبتدأ محذوف وهذا البدل متفق عليه؛ لأن البصريين يُبْدِلون من النكرة مطلقًا، والكوفيون لا يبدلون منها إلا بشرط وَصْفها، وقد وُصِفَتْ. اهـ. .قال الفخر: {مقَامِ إبراهيم} فيه أقوال:أحدها: أنه لما ارتفع بنيان الكعبة، وضعف إبراهيم عن رفع الحجارة قام على هذا الحجر فغاصت فيه قدماه.والثاني: أنه جاء زائرًا من الشام إلى مكة، وكان قد حلف لامرأته أن لا ينزل بمكة حتى يرجع، فلما وصل إلى مكة قالت له أم إسماعيل: إنزل حتى نغسل رأسك، فلم ينزل، فجاءته بهذا الحجر فوضعته على الجانب الأيمن، فوضع قدمه عليه حتى غسلت أحد جانبي رأسه، ثم حولته إلى الجانب الأيسر، حتى غسلت الجانب الآخر، فبقي أثر قدميه عليه.والثالث: أنه هو الحجر الذي قام إبراهيم عليه عند الأذان بالحج، قال القفال رحمه الله: ويجوز أن يكون إبراهيم قام على ذلك الحجر في هذه المواضع كلها. اهـ..من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا}: .قال ابن عطية: واختلف الناس في معنى قوله: {كان آمنًا} فقال الحسن وقتادة وعطاء ومجاهد وغيرهم: هذه وصف حال كانت في الجاهلية أن الذي يجر جريرة ثم يدخل الحرم، فإنه كأن لا يتناول ولا يطلب فأما في الإسلام وأمن جميع الأقطار، فإن الحرم لا يمنع من حد من حدود الله، من سرق فيه قطع، ومن زنى رجم، ومن قتل قتل، واستحسن كثير ممن قال هذا القول أن يخرج من وجب عليه القتل إلى الحل فيقتل هنالك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: من أحدث حدثًا ثم استجار بالبيت فهو آمن، وإن الأمن في الإسلام كما كان في الجاهلية، والإسلام زاد البيت شرفًا وتوقيرًا، فلا يعرض أحد بمكة لقاتل وليه، إلا أنه يجب على المسلمين ألا يبايعوا ذلك الجاني ولا يكلموه ولا يؤوه حتى يتبرم فيخرج من الحرم فيقام عليه الحد، وقال بمثل هذا عبيد بن عمير والشعبي وعطاء بن أبي رباح والسدي وغيرهم، إلا أن أكثرهم قالوا هذا فيمن يقتل خارج الحرم ثم يعوذ بالحرم، فأما من يقتل في الحرم، فإنه يقام عليه الحد في الحرم.قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وإذا تؤمل أمر هذا الذي لا يكلم ولا يبايع، فليس بآمن، وقال يحيى بن جعدة: معنى الآية ومن دخل البيت كان آمنًا من النار، وحكى النقاش عن بعض العباد قال: كنت أطوف حول الكعبة ليلًا فقلت: يا رب أنك قلت: {ومن دخله كان آمنًا}، فمن ماذا هو آمن يا رب؟ فسمعت مكلمًا يكلمني وهو يقول: من النار، فنظرت وتأملت فما كان في المكان أحد. اهـ..قال الفخر: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا} ولهذه الآية نظائر: منها قوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لّلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125] وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا ءَامِنًا} [العنكبوت: 67] وقال إبراهيم {رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا} [إبراهيم: 35] وقال تعالى: {أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مّنْ خوف} [قريش: 4] قال أبو بكر الرازي: لما كانت الآيات المذكورة عقيب قوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} موجودة في الحرم ثم قال: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنًا} وجب أن يكون مراده جميع الحرم، وأجمعوا على أنه لو قتل في الحرم فإنه يستوفي القصاص منه في الحرم وأجمعوا على أن الحرم لا يفيد الأمان فيما سوى النفس، إنما الخلاف فيما إذا وجب القصاص عليه خارج الحرم فالتجأ إلى الحرم فهل يستوفي منه القصاص في الحرم؟ قال الشافعي: يستوفي، وقال أبو حنيفة: لا يستوفي، بل يمنع منه الطعام والشراب والبيع والشراء والكلام حتى يخرج، ثم يستوفي منه القصاص، والكلام في هذه المسألة قد تقدم في تفسير قوله: {وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لّلنَّاسِ وَأَمْنًا} واحتج أبو حنيفة رضي الله عنه بهذه الآية، فقال: ظاهر الآية الأخبار عن كونه آمنًا، ولكن لا يمكن حمله عليه إذ قد لا يصير آمنًا فيقع الخلف في الخبر، فوجب حمله على الأمر ترك العمل به في الجنايات التي دون النفس، لأن الضرر فيها أخف من الضرر في القتل، وفيما إذا وجب عليه القصاص لجناية أتى بها في الحرم، لأنه هو الذي هتك حرمة الحرم، فيبقى في محل الخلاف على مقتضى ظاهر الآية.والجواب: أن قوله: {كَانَ ءَامِنًا} إثبات لمسمى الأمن، ويكفي في العمل به إثبات الأمن من بعض الوجوه، ونحن نقول به وبيانه من وجوه:الأول: أن من دخله للنسك تقربًا إلى الله تعالى كان آمنًا من النار يوم القيامة، قال النبي عليه السلام: «من مات في أحد الحرمين بعث يوم القيامة آمنًا» وقال أيضا: «من صبر على حر مكة ساعة من نهار تباعدت عنه جهنم مسيرة مائتي عام» وقال: «من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».والثاني: يحتمل أن يكون المراد ما أودع الله في قلوب الخلق من الشفقة على كل من التجأ إليه ودفع المكروه عنه، ولما كان الأمر واقعًا على هذا الوجه في الأكثر أخبر بوقوعه على هذا الوجه مطلقًا وهذا أولى مما قالوه لوجهين:الأول: أنا على هذا التقدير لا نجعل الخبر قائمًا مقام الأمر وهم جعلوه قائمًا مقام الأمر.والثاني: أنه تعالى إنما ذكر هذا لبيان فضيلة البيت وذلك إنما يحصل بشيء كان معلومًا للقوم حتى يصير ذلك حجة على فضيلة البيت، فأما الحكم الذي بيّنه الله في شرع محمد عليه السلام فإنه لا يصير ذلك حجة على اليهود والنصارى في إثبات فضيلة الكعبة.الوجه الثالث: في تأويل الآية: أن المعنى من دخله عام عمرة القضاء مع النبي صلى الله عليه وسلم كان آمنًا لأنه تعالى قال: {لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَاء الله ءَامِنِينَ} [الفتح: 27].الرابع: قال الضحاك: من حج حجة كان آمنًا من الذنوب التي اكتسبها قبل ذلك.واعلم أن طرق الكلام في جميع هذه الأجوبة شيء واحد، وهو أن قوله: {كَانَ ءَامِنًا} حكم بثبوت الأمن وذلك يكفي في العمل به إثبات الأمن من وجه واحد وفي صورة واحدة فإذا حملناه على بعض هذه الوجوه فقد عملنا بمقتضى هذا النص فلا يبقى للنص دلالة على ما قالوه، ثم يتأكد ذلك بأن حمل النص على هذا الوجه لا يفضي إلى تخصيص النصوص الدالة على وجوب القصاص وحمله على ما قالوه يفضي إلى ذلك فكان قولنا أولى والله أعلم. اهـ..قال ابن كثير: وقوله: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} يعني: حَرَمُ مكة إذا دخله الخائف يأمنُ من كل سوء، وكذلك كان الأمر في حال الجاهلية، كما قال الحسن البصري وغيره: كان الرجل يَقْتُل فيَضَع في عُنُقِه صوفَة ويدخل الحرم فيلقاه ابن المقتول فلا يُهَيِّجْهُ حتى يخرج.وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشَجّ، حدثنا أبو يحيى التَّيْمِيّ، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس في قوله: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} قال: من عاذ بالبيت أعاذه البيت، ولكن لا يؤوى ولا يُطْعَم ولا يُسقى، فإذا خرج أُخذ بذنبه.وقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] وقال تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 3، 4] وحتى أنه من جملة تحريمها حُرْمة اصطياد صيدها وتنفيره عن أوكاره، وحُرْمة قطع أشجارها وقَلْع ثمارها حَشيشها، كما ثبتت الأحاديث والآثار في ذلك عن جماعة من الصحابة مرفوعا وموقوفًا.ففي الصحيحين، واللفظ لمسلم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فتح مكة: «لا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ ونية، وإذَا استَنْفَرْتُمْ فَانْفِرُوا»، وقال يوم الفتح فتح مكة: «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحرمَةِ الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعْضَد شَوْكُهُ، ولا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولا يَلْتَقطْ لُقَطتَه إلا من عَرَّفها، ولا يُخْتَلى خَلاها» فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذْخَرَ، فإنه لقَيْنهم ولبُيوتهم، فقال: «إلا الإذْخَر».ولهما عن أبي هريرة، مثله أو نحوه.
|