الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة آل عمران: الآيات 161- 163] {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (163)}.اللغة: {غَلَّ}: أخذ خفية واستغلالا وخيانة. والغلول صفة تتنافى مع النبوة. ومن طريف الجناس قولهم: يد المؤمن لا تغلّ وقلب المؤمن لا يغلّ الأولى بضم الغين من الغلول والثانية بكسرها من الغل أي الحقد..الإعراب: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} كلام مستأنف مسوق لنفي الغلول عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم. وفي قراءة بالبناء للمجهول أي ينسب إلى الغلول، وكلتا القراءتين تنفي هذه الصفة عن النبي لعصمته ولتحريم الغلول. والواو استئنافية وما نافية وكان فعل ماض ناقص مبني على الفتح ولنبي جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وأن يغل مصدر مؤول اسمها المؤخر {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ} الواو استئنافية والكلام مستأنف مسوق للرّدع عن الغلول.ومن اسم شرط جازم مبتدأ ويغلل فعل الشرط ويأت جوابه وبما جار ومجرور متعلقان بيأت وجملة غل صلة الموصول ويوم القيامة ظرف زمان متعلق بيأت أيضا وجملة فعل الشرط وجوابه خبر من {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ} ثم حرف عطف للترتيب مع التراخي وتوفى فعل مضارع مبني للمجهول معطوف على الجملة الشرطية وكل نفس نائب فاعل وما اسم موصول في محل نصب مفعول به ثان وجملة كسبت صلة الموصول {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} الواو استئنافية أو حالية وهم مبتدأ وجملة لا يظلمون خبر هم والجملة استئنافية أو حالية، ونرى الاستئناف أرجح لأنها بمثابة أيضاح لتوفى كل نفس ما كسبت على طريق العدل فينال كل انسان جزاءه من غير حيف أو نقصان {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ} الهمزة للاستفهام الإنكاري والفاء عاطفة على محذوف والنية التقدم على الهمزة وقد تقدم البحث في هذا التركيب وإن تقدير المحذوف: أجعل لك ما تميز به بين الضال والمهتدي فمن اتبع رضوان اللّه واهتدى ليس كمن باء بسخطه، والاستفهام الانكاري معناه النفي، ومن اسم موصول مبتدأ وجملة اتبع صلة ورضوان اللّه مفعول به لاتبع والجملة معطوفة على المحذوف الذي هو مستأنف {كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} كمن الكاف حرف جر ومن اسم موصول في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر من أو الكاف اسم بمعنى مثل خبر ومن مضاف إليه وجملة باء صلة الموصول وبسخط جار ومجرور متعلقان بباء ومن اللّه جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الواو حرف عطف ومأواه مبتدأ وجهنم خبره والجملة عطف على الصلة، أي: وكمن مأواه جهنم. ولك أن تجعل الواو استئنافية، وعلى كلا الوجهين لا محل لها من الاعراب وبئس الواو عاطفة أيضا وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم والمصير فاعل والمخصوص بالذم محذوف، أي جهنم {هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ} كلام مستأنف مسوق لبيان التفاوت ما بين الفريقين كما سيأتي في باب البلاغة وهم مبتدأ ودرجات خبر وعند اللّه ظرف متعلق بمحذوف صفة لدرجات واللّه الواو استئنافية واللّه مبتدأ وبصير خبر وبما جار ومجرور متعلقان ببصير وجملة يعملون صلة..البلاغة: في هذه الآيات فنون شتى يضيق عنها العدّ ويمكن إيجازها على الوجه التالي:1- المبالغة في النهي، وقد وردت المبالغة على هذه الصيغة كثيرا في القرآن، كقوله تعالى: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى}، {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}.2- والغلول أولى بأن يبالغ فيه، لأن تصور المبالغة على وجه يبعث الخوف ويحجب الخاطر عن التفكير فيه، وتصويره، بله ارتكابه والخوض في مناحيه. ويحسن بنا أن نورد حديثا فيه تجسيد فني لصورة الغلول أو الاستغلال، أو اجتلاب المنافع الخاصة على حساب المجاهدين والضاريين في سبيل اللّه، حتى على حساب الحيوانات التي لا تعقل، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، حتى قال: «لا ألقين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبة فرس له حمحمة فيقول: يا رسول اللّه أغثني! فأقول لا أملك لك من اللّه شيئا فقد أبلغتك» والحديث طويل اجتزأنا منه بما تقدم.3- التشبيه البليغ في قوله: {هم درجات} فقد جعلهم الدرجات نفسها، للمبالغة في إظهار التفاوت، لما بينهم في الثواب والعقاب.4- الالتفات وهو هنا العدول عن ذكر الخاص، وهو النبي، إلى ذكر العام، وهو كل نفس، ليشمل كل كاسب بغير حق، وليتلطف ويتعطف في تقرير الغلول ونتائجه بالنسبة للنبي. ألا ترى إلى قوله تعالى: {عفا اللّه عنك لم أذنت لهم} فقد بدأ المصطفى بالعفو، ولو لم يبدأ به لتفطر قلبه.5- الطباق بين الرضوان والسخط..[سورة آل عمران: آية 164] {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164)}.الإعراب: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} اللام جواب لقسم محذوف وقد حرف تحقيق ومنّ اللّه فعل وفاعل وعلى المؤمنين جار ومجرور متعلقان بمنّ والكلام مستأنف مسوق لتأكيد نزاهة النبي صلى اللّه عليه وسلم وبيان خطأ الذين نسبوا إليه الغلول {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بمنّ وجملة بعث في محل جر بالإضافة وفيهم جار ومجرور متعلقان ببعث ورسولا مفعول به ومن أنفسهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة ل {رسولا} {يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ} الجملة صفة ثانية ل {رسولا} وعليهم جار ومجرور متعلقان بيتلو {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ} الجملتان معطوفتان على يتلو، والكتاب مفعول به ثان ليعلمهم والحكمة عطف على الكتاب {وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الواو حالية وإن مخففة من الثقيلة مهملة لا عمل لها وكان واسمها، ومن قبل جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال وقبل ظرف مبني على الضم في محل جر بمن ولفي اللام هي الفارقة وفي ضلال جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر كانوا ومبين نعت..البلاغة: في الآية فن رفيع من فنون البلاغة يعرف بفن التجريد، وهو أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمرا آخر بمثاله فيها مبالغة لكسالها فيه، كأنه أبلغ من الاتصاف بتلك الصفة. وهو أقسام كثيرة يسكن الرجوع إليها في كتب البلاغة، ولكننا نشير إلى أهمها:1- أن يكون ب من الجارّة، ومن أوابده في النثر خطبة أبي طالب في تزويج خديجة بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ومنها: الحمد للّه الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضي معد.2- ويكون بالباء الجارة التجريدية كقول أبي تمام:3- ويكون يفي الجارّة التجريدية، قال تعالى: {لهم فيها دار الخلد} أي في جهنم فانتزع منها دارا أخرى مبالغة. وقد رمقها أبو الطيب فقال: فإن الأسد هو الممدوح نفسه لكنه انتزع منه أسدا آخر تهويلا لأمره ومبالغة في اتصافه بالشجاعة والإقدام.4- ومن أقسام التجريد أن ينتزع الإنسان من نفسه شخصا آخر مثله في الصفة التي سيق لها الكلام، ثم يخاطبه كقول المتنبي: وجميل قول أبي نواس: ومراده الخطاب مع نفسه، ولذلك قال بعدهما: وقال شوقي في العصر الحديث: فقد انتزع من نفسه شخصا آخر يمثّله في الشاعرية والقدرة على مناجاة دمشق الخالدة التي صمدت للاستعمار دائما. ويكثر هذا القسم في مطالع القصائد ولكن سبيله صعبة محفوفة بالخطر لأنه قد يخاطب مسدوحه أو معشوقه أو أي مخاطب كان بما يكره ويتطيّر به كما فعل جرير عند ما استهل قصيدة مدح بها عبد الملك بن مروان: فقال له عبد الملك: ويلك! ما لك ولهذا السؤال يا ابن الفاعلة! وكما تورط أبو الطيب المتنبي نفسه متعمدا في مديح كافور: ومن القصائد البديعة التي تغلغل التجريد إلى أبياتها قصيدة الصمة بن عبد اللّه في صاحبته ريا، ونوردها كاملة ففيها لعشاق الأدب سلوى وتأساء: .الفوائد: تخفف إنّ المكسورة الهمزة المشبهة بالفعل فتهمل لزوال اختصاصها، وتدخل على الخبر لام تسمى اللام الفارقة، مثل: إن خالد لمسافر، فرقا بينها وبين إن النافية، وإذا وليها فعل كانت مهملة حتما، ويكون هذا الفعل من النواسخ أي كان وظن وأخواتهما، ولابد من دخول هذه اللام على هذه الأفعال. وقد أعملها بعض العرب في القسم الأول على قلة فقالوا يجوز أن نقول: إن خالدا لمسافر، ولهذا أخطأ الزمخشري وخالف كتابه المفصل عند ما أعملها في قوله تعالى: {وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} عند ما قدر اسمها اسما ظاهرا أي إن الشأن والحديث. وقد تبع الزمخشري في الخطأ الجلال وأبو السعود، وجلّ من لا يسهو..[سورة آل عمران: آية 165] {أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ (165)}.الإعراب: {أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} الهمزة للاستفهام الانكاري والتقريع والواو عاطفة على ما تقدم من قصة أحد والمعنى لا ينبغي لكم أن تتعجبوا من فشلكم فإنكم تعلمون السبب وإذا عرف السبب بطل العجب، ولما ظرفية حينية متعلقة بقلتم أو رابطة فهي حرف، وسيأتي حكمها في باب الفوائد. وأصابتكم فعل ماض ومفعول به ومصيبة فاعل {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها} الجملة صفة لمصيبة وقد حرف تحقيق وأصبتم فعل وفاعل ومثليها مفعول به {قُلْتُمْ أَنَّى هذا} جملة قلتم لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وأنى اسم استفهام خبر مقدّم وهذا مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول والمعنى: من أين أصابنا هذا الانهزام والقتل ونحن نقاتل في سبيل اللّه ومعنا رسول اللّه وقد وعدنا اللّه بالنصر عليهم؟ {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} جملة القول مقول للقول وهو مبتدأ ومن عند أنفسكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ} ان واسمها وخبرها وعلى كل شيء جار ومجرور متعلقان بقدير والجملة تعليلية لا محل لها..الفوائد: 1- أورد ابن هشام في المغني هذه الآية شاهدا على أن الهمزة تدخل على النفي كما تدخل على الإثبات وهذا وهم منه لم نكن نتوقع صدوره عن رجل ذكي مثله لأن لما هنا حينية لا نافية فلا يصلح هذا مثالا لدخولها على النفي ولا يقال: إن الهمزة للانكار وهو بمثابة النفي فالكلام الذي دخلت عليه منفيّ أيضا فصح التمثيل لأنّا نقول: الإنكار هنا توبيخي فمدخوله ثابت كقولك لضارب أبيه: أتضربه وهو أبوك فالأولى الاعتراف بأن ابن هشام اشتبه عليه لفظ لما لعلّ المراد أنه أراد لما النافية وقد انتبه السيوطي لهذه الغلطة وقال: والاولى التمثيل بقول الشاعر: فقلت: الما أصح والشيب وازع، وهذه من هنات ابن هشام اليسيرة التي سجلناها عليه وجلّ من لا يسهو، وقال الدماميني في شرحه للمغني: والأولى أن يجعل مدخولها محذوفا هو المعطوف عليه أي ألم تجزعوا أو قلتم لمّا أصابتكم مصيبة ويكون المصنف مثل للنفي المذكور والمحذوف قال: فإن قلت هذا لا يراه المصنف كما يأتي وانما يرى الهمزة الداخلة على مدخول الواو قدمت تنبيها على اصالتها في التصدير كما يأتي فكيف يحمل كلامه على ما ذكرت؟ قلت:المصنف لم يذكر هذا في الهمزة التي للانكار نحو: {أفأمن أهل القرى} {أفلم يسيروا} أو مثل على قول الزمخشري ومن تبعه.2- {لَمَّا} على ثلاثة أوجه:آ- تختص بالمضارع فتجزمه وتقلبه ماضيا كلم ولكن نفيها مستمر إلى الحال بعكس لم.ب- أن تختص بالماضي وقد اختلف فيها علماء النحو فقال جماعة هي ظرف بمعنى حين وقال جماعة هي حرف لربط جملتين لابد منهما نحو لما جاءني أكرمته.ج- أن تكون حرف استثناء فتدخل على الجملة الاسمية نحو: {إن كل نفس لما عليها حافظ} وسيأتي الكلام عنها في مكانها.3- قد: حرف توقّع لاقترانه بالافعال المتوقعة والمسئول عنها ولذلك يقال: إذا دخلت على الماضي حرف تحقيق وإذا دخلت على المضارع حرف تقليل ومعنى تقليلها تقريبها من الحال ومنه قوله تعالى: {قد يعلم اللّه المعوقين منكم} وقد تخرج عن موقعها وتجيء من قبيل الأسماء بمعنى حسب، تقول: قدك أي حسبك. قال أبو تمام:.[سورة آل عمران: الآيات 166- 167] {وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (167)}.الإعراب: {وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ} الكلام مستأنف مسوق لتتمة قصة أحد والواو استئنافية وما اسم موصول مبتدأ وجملة أصابكم صلة ويوم ظرف منعلق بأصابكم وجملة التقى الجمعان في محل جر بالإضافة {فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} الفاء رابطة لما في الموصول من رائحة الشرط وبإذن اللّه جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف تقديره فهو بإذن اللّه والجملة الاسمية في محل رفع خبر اسم الموصول وليعلم الواو عاطفة واللام للتعليل ويعلم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة والجار والمجرور متعلقان بما تعلق به بإذن والعطف هو من باب عطف السبب على السبب ولك أن تعلقهما بفعل محذوف تقديره فعل ذلك ليعلم والمؤمنين مفعول به {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا} عطف على ليعلم والذين اسم موصول مفعول به وجملة نافقوا صلة الموصول {وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} كلام مستأنف مسوق للاخبار بأنهم مأمورون إما بالقتال وإما بالدفع ولك أن تجعله معطوفا على نافقوا داخلا في حيّز الموصول أي وليعلم الذين حصل منهم النفاق والقول المذكور وقيل فعل ماض مبني للمجهول ولهم جار ومجرور متعلقان بقيل وجملة تعالوا مقول القول وكذلك جملة قاتلوا وكلتا الجملتين نائب فاعل قيل ولم يأت بحرف العطف بينهما لأن كلا من الجملتين مقصودة بالذكر لذاتها وفي سبيل اللّه جار ومجرور متعلقان بقاتلوا أو حرف عطف وادفعوا معطوف على قاتلوا وحذف مفعول ادفعوا للعلم به لأنه العدو ودفعه انما يكون بتكثير سواد المسلمين وسواد المسلمين جماعتهم {قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ} الجملة لا محل لها لأنها مستأنفة مسوقة لتعبر عن تمحلهم وامعانهم في اللجاج وركوب متن الغي والضلال ولو شرطية وسماها سيبويه حرفا لما كان سيقع لوقوع غيره جملة لو نعلم قتالا مقول قولهم لأن رأي عبد اللّه بن أبي كان في الاقامة بالمدينة.واللام واقعة في جواب لو واتبعناكم فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ} الجملة مستأنفة مسوقة للقطع بأمرهم وهم مبتدأ وللكفر جار ومجرور متعلقان بأقرب ويوم ظرف زمان مضاف لظرف آخر وهو متعلق بمحذوف حال وأقرب خبرهم ومنهم جار ومجرور متعلقان بأقرب وللايمان جار ومجرور متعلقان بأقرب أيضا وهذا من خصائص اسم التفضيل يتعلق به حرفا جر متحدان لفظا ومعنى وحرف آخر غير متحد بعامل واحد لأنه في قوة عاملين فهو يدل على أمرين وهما أصل الفعل والزيادة فيه فيعمل كل منهما بواحد {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} الجملة مستأنفة لا محل لها أو حالية من الضمير في أقرب فيكون المعنى قربوا للكفر في حالة كونهم قائلين هذه المقالة وبأفواههم جار ومجرور متعلقان بيقولون وانما صرح بالجار والمجرور والقول لا يكون إلا بالأفواه لأن القول يطلق على اللساني والجسماني فتقييده بأفواههم تقييد لأحد محتمليه وقيل لمجرد التأكيد وما اسم موصول مفعول به وجملة ليس في قلوبهم صلة ما وفي قلوبهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ليس {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ} كلام مستأنف مسوق لتقرير أنه تعالى عليم بما يكتمونه من نفاق أو بما كانوا يبيتونه في الخفاء ولك أن تجعلها حالية واللّه مبتدأ وأعلم خبر وبما جار ومجرور متعلقان بأعلم وجملة يكتمون صلة ما.
|